أصدر الأستاذ عبد القادر البحري الفيلالي أول رواية له والتي عنونها ب "انتصارات العشاق."
وقد اعتمد المؤلف في تأليف وخلق هذه الرواية على الهجرات المتعددة، والنزوح المتكرر نحو بلاد المغرب، والذي عرف بهذه الخاصية مند القدم، أو منذ وجود الدهر، نظرا لموقعه الاستراتيجي المتميز . وقد استقبل هذا البلد عددا كبيرا من الأجناس والأعراق المختلفة الثقافات، سواء من أجل التجارة، أو لعوامل سياسية دفعت جحافل من البشر للتوجه نحوه. لكن الخاصية التي تميز هذا البلد والتي خلقت في أحضانه منذ القدم، تتجلى في احترام ثقافة الغير دون الاعتبارات العرقية أو الدينية. وما الحالة التي يعيشها المغرب حاليا من خلال الهجرة الاتية من الشرق والجنوب دون إغفال بعض المحاولات الآتية من الشمال إلا تأكيدا لهذا التاريخ. فقد انخرط هؤلاء المهاجرون داخل مجتمعنا بسلاسة، نظرا لإيمانهم بواجب احترام ثقافة وتقاليد هذا البلد المضياف .
واعتمد المؤلف في هذه الرواية على سرد أحداث من الخيال خلال الهروب والمطاردة بين أعضاء أسرتين آتيتين من الشرق نحو بلاد المغرب. وقد جمع هذه الاحداث بين كل ما هو نفسي، والمتمثل في الفزع والرعب الذي عاشته بعض الأسر والأفراد سواء داخل الجزيرة، أو خلال فترة الهروب، وما هو عاطفي حينما ارتبط شاب بشابة ينتميان للأسرتين المتصارعتين بعلاقة عاطفية، وما هو ثقافي وذلك من خلال المزج بين ثقافة المشرق وبين تلك الموجودة بالمغرب، وما هو اجتماعي والذي يتجلى في دعم الزوجين الشابين الهاربين من بطش اسرتيهما من طرف سكان مدينة البحرين خلال تواجدهما بها . وعن مصير مجموعة الجنود القليلة الآتية من الجزيرة، والتي رفضت الانصهار داخل المجتمع الجديد، كما هو الشأن بالنسبة للجنود الآخرين أو بالنسبة لأفراد الأسرتين الهاربتين .
أما عنوان الرواية "انتصارات العشاق" فقد انبثق هذا الاختيار -حسب المؤلِّف- أولا من خلال انتصار الشابين المنتميين للأسرتين المتصارعتين على سياسة السجان اتجاه سجينه، وثارا على هذا الوضع من خلال فرارهما وإنهاء علاقتهما العاطفية بعقد قران الزواج. للإشارة فقد كان لانقاد الشاب لتلك الفتاة لحظة غرقها في الشلالات خلال العاصفة التي مرت بالمنطقة الأثر الكبير في تغيير نظرة الشاب لفلسفة تواجده في هذه الحياة، والتي اعتمدت على سياسة إلغاء الأخر. أما الانتصار الثاني فتجلى في انصهار أفراد الأسرتين المعتقلين منهم وكذا السجانين في حياة من التعاون والتكامل فيما بينهم، حتى يتسنى لهم مواجهة الأمر الواقع، والذي فرض عليهم من خلال الحصار الطبيعي الذي عاشوه بعد العاصفة القوية التي اجتاحت المنطقة. كما كان لقرار فرار الشابين الهاربين وكذا للبيئة الجديدة المعاشة في بلاد المغرب الأثر الكبير في خلق عدة زيجات ببن أفراد هاتين الأسرتين .
للإشارة فعبد القادر البحري من مواليد طنجة سنة 1963 ، وهو إطار بنكي ورياضي سابق، وتعتبر هذه الرواية اول محاولة له للكتابة وهو في سن الثانية والخمسون.